[size=21][size=25]من كتاب أبونا تادرس يعقوب
عاد بيشوي إلى منزله حزينا جدا ، لم يحتمل أن يتحدث مع أحد ، فقد خسر كل ثروته في صفقة تجارية تمت بالبورصة.
جلس بيشوي على الكرسي مكتئبا للغاية ، لا يعرف ماذا يفعل. لكن زوجته
الحكيمة التقية جلست مع أولادها وأخبرتهم انه يلزمهم مشاركة أبيهم في آلامه
، كما كانوا يتمتعون بثمرة حصاده ومكسبه.
تسلل واحد وراء الآخر والتف الكل حوله. وإذ لم يكن قادرا على التحدث معهم ،
قالت له زوجته : "لا تحزن يا بيشوي ، فإن الله الذي أعطاك الكثير سمح
فأخذ منك مما أعطاك. فلنشكره ، هو يهتم بنا!"
صمت بيشوي ولم ينطق بكلمة. وبعد قليل في لهجة غضب قال : "لقد خسرت كل شيء!"
ثم هز رأسه وهو يقول : "حقا كل شيء! لم يبق معي مليما واحدا!"
ابتسمت الزوجة : "لقد أبقاني لك ، فكيف تقول إنك خسرت كل شيء؟ ألست أنا أفضل من الأموال والغنى؟"
قال الابن : "شيء كل ، وماذا عني أنا أيضا ألم يتركني لك؟"
حوطت ابنته الصغيرة رقبته بيدها ، وهي تقول : "وأنا أيضا معك يا أبي! كما ترك لك الصحة ، وهي بركة أفضل من كل غنى العالم".
بابتسامة لطيفة قالت الزوجة : "لقد ترك لك يدين قويتين تعملان بهما".
قال الابن : "وأيضا ترك لك قدمين يحملانك يا أبي أينما ذهبت!"
وأضافت الابنة : "وترك عينيك تتطلع بهما!"
أما طفله الصغير مارك فقال : "لقد ترك الله لك مواعيده الصادقة والأمينة ،
هو أبونا الصالح معنا الساكن ، يشبع احتياجاتنا كل. لنقل مع المرتل :"
باركي يا الرب نفسي ، ولا تنسي كل حسناته "(مز 103 : 3).
خجل بيشوي من حب أسرته وإيمانهم ، عندئذ قال لهم : "الآن علمت إنني لم أخسر
كل شيء ، بل ما خسرته لا يحسب شيئا أمام ما يقدمه لي إلهي من عطايا".
باركي يا نفسي الرب ، ولا تنسي كل حسناته!
إني مدين بكل نفسي لخالقي ،
وبكل مجد داخلي لمخلصي الصالح.
تبقى نفسي تسبحك كل أيام غربتي ،
حتى أراك ، فأشترك مع السمائيين في تسبيحهم العلوية!
مادمت أقتنيك لا أخسر شيئا ،
حتى إن فقدت العالم كله ،
بل والموت يهبني الالتقاء معك وجها لوجه!
[/size][/size]