سقوط نظرية مؤامرة المشير والجيش على الرئيس.. محللون غربيون: المجلس العسكرى أسقط أسطورة المؤامرة بعد التسليم التاريخى للسلطةمع تسليم المجلس العسكرى السلطة رسميا للدكتور محمد مرسى أمس الأول السبت
فى منطقة الهايكستب العسكرية، سقطت نظرية مؤامرة المشير والجيش ضد الرئاسة
وتسليم السلطة وقدرة الرئيس الجديد على تسلم جميع صلاحياته من المجلس
العسكرى، وهى النظرية التى روجت لها أطراف عديدة فى الداخل والخارج، خاصة
كبريات الصحف الغربية التى صنعت صراعا مفتعلا بين الجيش ومؤسسة الرئاسة،
إلا أن اللحظة التاريخية التى سلم فيها المشير محمد حسين طنطاوى وقادة
الجيش المصرى السلطة للرئيس المنتخب فتح الباب أمام العديد من الصحف
الغربية لترجع عن الترويج لنظرية المؤامرة وتفرد صفحاتها لتغطية وقائع
تسليم السلطة لمرسى.
الإذاعة الوطنية الأمريكية نقلت عن ناثان براون، أستاذ العلوم السياسية
بجامعة جورج تاون والخبير بمركز كارنيجى قوله بتراجع الصراع بين الإخوان
والجيش، وانهيار أسطورة المؤامرة من المجلس العسكرى ضد الرئيس، مع سعى مرسى
لإقناع المصريين بأنه قادر على توحيد البلاد بعد فوزه بفارق ضيق فى
الانتخابات على منافسه أحمد شفيق، ويرى براون أن من المهم لشرعية مرسى ألا
يكون شخصا بسيطا يسعى لتحقيق أهداف جماعة الإخوان المسلمين، مؤكدا ضرورة أن
يأخذ فى الاعتبار المصلحة الوطنية الأكبر.
من جهتها قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إن تأدية مرسى اليمين
الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا يعد بمثابة إشارة لدخول مصر مرحلة
جديدة من النضال –إن لم تكن معالمه واضحة– من أجل تحديد مستقبل الدولة
المصرية المدنية مشيرة إلى أن الدعاوى حول مؤامرة المجلس العسكرى على
الرئاسة أصبحت بعيدة عن الواقع، وأوضحت أن هذه اليمين وضعت مرسى رسميًّا
على قائمة أول رئيس مدنى إسلامى منتخب فى مصر بعد ستة عقود خضعت فيها
البلاد لنظام حكم عسكرى، مشيرة إلى أن المجلس العسكرى سلم السلطة فى سلاسة
يشهد لها.
وأبرزت الصحف الفرنسية الصادرة اليوم، الأحد، أداء الرئيس محمد مرسى اليمين
الدستورية أمس، السبت، وتسلمه السلطة، من المجلس العسكرى خلافا لبعض
التوقعات واعتبرت تسلم مرسى للسلطة حدثا فريدا فى التاريخ العربى وفى تاريخ
جماعة الإخوان.
وتحت عنوان «مرسى يصبح أول رئيس إسلامى مدنى لمصر»، قالت صحيفة «لو
باريزيان» الفرنسية، فى عددها الصادر أمس الأحد، «إن الرئيس مرسى أصبح
اعتبارا من أمس رسمياً أول رئيس مدنى لمصر، ليخلف بذلك الرئيس السابق حسنى
مبارك الذى أطاحت به الثورة الشعبية غير المسبوقة فى أوائل عام 2011».
داخليا أحدث تسليم السلطة من المجلس العسكرى للرئيس المنتخب خلافا بين
القيادات الحزبية وفقهاء القانون وقال الدكتور عاطف البنا الفقيه الدستورى
إن القوى والاتجاهات السياسية تختلف فى كل شىء دون أن تحدث مؤامرة، وهنا
ليست العبرة بأن تكون من أنصار المؤامرة، كما اتهم البعض العسكرى بأنه لن
يسلم السلطة، وها هو يسلمها للرئيس المنتخب للبلاد، مضيفا: إن السلطات
الموجودة فى الإعلان الدستورى هى سلطات أقل، إلا أنها كافية وحل البرلمان
بحكم الدستورية لا يمكن أن نقول فيه إن العسكرى انتزع سلطة التشريع وهو نفس
الأمر بالنسبة لحقه فى إقرار الموازنة العامة حيث اعتماد الموازنة العامة
يؤثر على عمل الحكومة والسلطة التنفيذية.
وأكد البنا أن بدء العمل فى إعادة السلطات المنتخبة وإعلان مرسى أنه سيعمل
على عودتها يضاف إلى عمل شعبى وسياسى من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن البعض
يطالب مرسى بإلغاء الإعلان الدستورى المكمل، وهناك دعاوى أمام مجلس الدولة
بإلغاء قرار الدستورية بحل البرلمان، وطلب مقدم للجمعية العمومية للفتوى
والتشريع. مشيرا إلى أن المجلس العسكرى عليه أن يعود إلى ثكناته ويترك سلطة
التشريع أيضا ويترك أى سلطة مدنية للمدنيين، على أن تكون مهمته الأولى
والأخيرة هى الدفاع عن أرض الوطن ضد أى خطر ولا يغلب عليه الطابع التشريعى
وهنا تكتمل الثورة المصرية التى لا تعنى فقط أن يخلع المخلوع ويقضى فيها
على التوريث، وإنما مازال المشوار طويلا.
ومن جانبه قال الدكتور وحيد عبدالمجيد إن المجلس العسكرى لم يكن بيده عدم
تسليم السلطة، مشيرا إلى أنه ظل يبحث طيلة الفترة الماضية لإيجاد صيغة
جديدة يتواجد بها فى السلطة. واعتبر عبدالمجيد أن ما حدث أمس كان سيناريو
تقاسم للسطة حيث إنه سلم السلطة التنفيذية بعد استعادة السلطة التشريعية من
خلال حل مجلس الشعب، وبذلك سيظل موجودا لكن بصيغة جديدة تتيح له أن يكون
لديه نفوذ سياسى قوى ولكن بدون الامتناع عن تسليم السلطة.
وأضاف عبد المجيد أن منصب وزير الدفاع أصبح مسألة شكلية لأن اختصاصاته
أصبحت بيد المجلس الأعلى للقوات المسلحة بجانب تخصصات أخرى أوسع بحكم
الإعلان الدستورى المكمل، معتبرا أن المرحلة الانتقالية مرحلة مرتبكة
وبدأنا فى مرحلة انتقالية ثانية لن تكون أقل ارتباكا، لكن صورة هذا
الارتباك ستختلف فى المرحلة الانتقالية.
واستنكر الدكتور أحمد دراج القيادى بالجمعية الوطنية للتغيير ووكيل مؤسسى
حزب الدستور ما حدث أمس، قائلا: تسليم السلطة ليس بعرض عسكرى ولا احتفالية،
مؤكدا أن تسليمها يبدأ بسقوط الإعلان الدستورى المكمل، حينها نستطيع أن
نقول أن هناك تسليم سلطة فعلا، إضافة إلى تشكيل مجلس الدفاع برئاسة
الجمهورية، واعتبر دراج أن المرحلة الانتقالية التى تولاها المجلس العسكرى
كانت سيئة للغاية وأسوأ الفترات الانتقالية فى العالم، قائلا «علينا أن
نحتسب عدد القتلى سواء فى محمد محمود، أو ماسبيرو»، وأن الإصرار على
الإعلان الدستورى أكبر دليل على عدم تسليم السلطة.
ومن جانبه أكد الدكتور أيمن نور، رئيس حزب غد الثورة ووكيل الجمعية
التأسيسية لوضع الدستور، أن التعاون بين المجلس العسكرى والرئيس الجديد
محمد مرسى أصبح حتمياً فى هذه اللحظة الفارقة التى تتحسس فيها البلاد
خطواتها نحو المستقبل، مشدداً على أنه لا وقت للصدام، مشيرا إلى أن الفترة
المقبلة تفرض التعاون الحتمى بينهما، خاصة أن البلاد تتحسس خطواتها نحو
المستقبل، وقال إن مرسى تحدث بما يشفى صدور المواطنين ويعبر عن إرادة
المصريين جميعاً، مشيراً إلى أن التيار المدنى فى مصر مؤثر ومستمر فى أداء
دوره حتى بعد وصول رئيس إسلامى إلى الحكم، وأنه سيتم إعطاء هذا التيار
الدور الذى يليق به.
ونفى نور فى تصريحات صحفية تلقيه أى عروض للمشاركة فى تشكيل الحكومة
المقبلة أو الدخول فى الفريق الرئاسى، وقال: هذا الأمر لم يحسم بعد ولا
يمكننا استباقه، لافتا إلى أن الوقت لا يزال مبكراًً على تحديد الأشخاص
الذين سيشكلون الحكومة، فيما قال الدكتور عبدالغفار شكر وكيل مؤسسى حزب
التحالف الشعبى الاشتراكى إن المجلس العسكرى لم ينته دوره السياسى بعد،
وبالتالى مازلنا نعيش بالفترة الانتقالية رافضا الحديث عن وجود مؤمرات،
قائلا: لا أريد أن أدخل فى النوايا ولكن هناك وقائع سياسية، وهى أن العسكرى
سلم السلطة النتفيذية لمرسى واحتفظ لنفسه بالسلطة التشريعية بعد حل مجلس
الشعب وفقا للإعلان الدستورى المكمل.
وأضاف شكر أننا لم ننته من هذه الأزمة إلا بوضع الدستور ثم انتخابات مجلس
الشعب، معتبرا أن الفترة القادمة ستشهد احتمالات صدام بين المجلس العسكرى
ورئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى وعليهما أن يتعاونا.
وقال الدكتور مصطفى النجار عضو مجلس الشعب المنحل إن تسليم المجلس العسكرى
للسلطة، والتزامه بالجدول الزمنى خطوة جيدة، متسائلا: «هل تسليم السلطة
حقيقى أم أن الإعلان الدستورى المكمل ودعم السلطة أمر صورى؟». مشيرا إلى
أهمية مضمون عملية التسليم، وأن الأيام المقبلة، وقرارات الدكتور محمد مرسى
هى التى ستحدد شكل عملية التسليم، كما أنها ستكشف حصول «مرسى» على جميع
الصلاحيات.
ورأى الدكتور عمرو هاشم ربيع الخبير السياسى، أن عملية تسليم السلطة اتسمت
بروح التعاون التى يخشى منها أن تكون على حساب الشعب من كلا الطرفين، مضيفا
أن الكلام عن مكتسبات الجيش، وأحكام الدستورية العليا، أمور غير مطمئنة،
وانتقد «هاشم» تصريحات «مرسى» التى أدلى بها بالأمس أثناء تأديته لحلف
اليمين أمام الدستورية، عن أهمية احترام أحكام القضاء، واصفا إياها
بالتناقض غير المفهوم.