أعتقد، دون معلومات، أن حالة مبارك الصحية ليست بهذه الدرجة من الحرج، ولكنه بأية حال من الأحوال هو اليوم، قاب قوسين أو أدنى، من لقاء مالك الملك، الذي لا يعزب عن علمه مثقال ذرة، والذي أبوابه مفتوحة وسماواته مشرعة، أمام دعوات المظلومين، وأعتقد أن مبارك قد ظلم، وقد أفسد، وشرد آلاف الأسر بعد اعتقال عوائلهم، ودمر شبابًا قلوبهم برائحة الفل والياسمين، وهتك أكبادًا بلون الورد، وغزت جرائر أصابعه كلى وشرايين دم طاهر، وأعتقد وأعتقد، لكن ما أعتقده جازمًا ومتيقنًا، أن الله وحده له قرار لا يُرد، بدخول الجنة أو النار، وأنه لا شريك له في إرادة الرحمة أو الغضب، وأنه لا يتعاظمه ذنب أن يغفره إلا غفره. يعني لا مكان للشماتة، ولا مكان للتعدي على سلطان الله والتألى عليه سبحانه، يعني دعوا الملك لنازع الملك ومانحه، يعني لا تنظروا للأمس فمبارك صار خبرًا لفعل ماضٍ ناسخ، بل علينا ألا ننشغل بمرضه حتى لا نمرض بمرضه ونعتل بعلته التي تروج لها غرف مظلمة لإلهاء الناس عن حسم مصير حكم مصر، أو ربما التخفيف من صدمة تزوير محتملة. نسير واثقين أننا أطهار، وأن قلوبنا ككوب حليب صابح، وأن أخلاقنا تقارب حالات السالكين والأولياء، وأننا نستحق حظًا أوفر في هذه الحياة، ونبصر الشوك في العيون كلها، بينما نظن أن عيوننا صافية رقيقة حبلى بالدموع كما سماء مثقلة بسحب وماء طاهر يغسل الأدران. المتأمل لمشهد رحيل مبارك يوم الحادي عشر من فبراير قبل عام، وجب عليه السجود عرفانًا وإقرارًا بأن الملك لله، ومرددًا "قل اللهم مالك الملك"، والمتأمل لمشهد وشك رحيل مبارك عن دنيا الله، وجب عليه السجود إقرارًا وشهادة عيانا بأنه "قل يتوفاكم ملك الموت الذي وُكل بكم، ثم إلى ربكم ترجعون". وتوجسًا من مصير لا يعلمه أحد وتخوفًا من يوم شعاره: "يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء. لمن الملك اليوم لله الواحد القهار . اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب". يعني خليك في حالك، ستر الله حالنا وحالك، وانشغل بنفسك، ولا تنصب نفسك قاضيًا، بينما حكم قضاء عادل من فوق سبع سماوات قد نفذ وتم وينفذ ويتم، وأسبغُ صفاتِه التمامُ والكمال، والنفاذ. مبارك الظالم الفاسد يموت، لكن هناك بيننا كثيرين ربما أفعال مبارك إلى جوار أفعالهم وتزويرهم وظلمات قلوب أوراق أدراجهم عيال. الشامتون، مذمومون حتى لو قضوا في السجن سنوات سوداء بطعم الكهرباء، وآمنت بك يا رب.